سليمان جارالله - 11/8/2008
الوظائف النفسية تدل عليها سلوكاتنا الموروثة والمكتسبة . السلوك الموروث وظيفة مثبتة في التكوين الوراثي لكل كائن حي. فمثلا المولود الجديد يعرف كيف يرضع دون أن نعلمه ذلك ، كما يغلق يده عندما نضع شيئا في بطن يده . مجموعة من الأفعال المنعكسة الوراثية تعرف بالغرائز مثل غريزة الأكل والشرب ، التناسل...... هذه الأمثلة تعرف السلوك عموما. عند الحيوان الغريزة قوية جدا، أما عند الإنسان وبفضل العقل يستطيع التحكم فيها وحتى معارضتها ، وله القدرة على اكتساب أفعال منعكسة غير مثبتة في مكوناته الوراثية ، أفعال اكتسبها وأصبحت لاتختلف كثيرا عن الأفعال الموروثة.
التعريف العام لعلم النفس المعرفي : cognitive psychology
هو علم يدرس تكوين وتناول المعلومات لدى الإنسان .Cognition
المعرفة هي موضوع اهتمام هذا الفرع المتعلقة بأنواع المعلومات المختلفة التي نكتسبها في مواقف الحياة التي نتعرض لها ، كما تتعلق بأنواع العمليات المرتبطة بطريقة اكتسابها والاحتفاظ بها في الذاكرة وإعادة استخدامها.
مصطلح علم النفس المعرفي ظهر في دراسات ( بلاك و رامسي Black , Ramsey سنة 1951) في كتاب . وفي عام 1953 تعرض غاردنر Gardner إلى تصنيف الأساليب المعرفية ، التي تطورت فيما بعد. كما أشار كل من كيجان Kegan ، موس Moss ، سيجل Sigel سنة 1963 إلى أن الأسلوب المعرفي هو أسلوب الأداء الثابت نسبيا ، الذي يفضله الفرد في تنظيم مدركاته وتصنيف مفاهيم البيئة الخارجية .
بواسطة دراسة المعرفية يتطلع علماء النفس المعرفي إلى فهم الممارسات اليومية لمختلف الأنشطة بصفة مستمرة حيث تشترك فيها العديد من العمليات المعرفية مثل : الانتباه ، الإدراك ، التفكير ، التذكر ، وحل المشكلات ، التعلم والعمليات الارتقائية.
ويرى هنت(1989hunt ) أن تعريف علم النفس المعرفي : هو الدراسة العلمية التي تحاول فهم طبيعة الذكاء الإنساني والكيفية التي يفكر بها الإنسان .
أما سولسو Solso ، يرى أن موضوع علم النفس المعرفي هو الدراسة العلمية للكيفية التي نكتسب بها معلوماتنا عن العالم والكيفية التي نتمثل بها هذه المعلومات ونحولها إلى علم ومعرفة، ولكيفية الاحتفاظ بها واستخدامها وتوظيفها في إثارة انتباهنا وسلوكنا .
أما من حيث التصنيفات والتقسيمات الحديثة لمختلف الميادين العلمية وتفرعاتها وفق الضوابط والمقاييس العلمية الأكاديمية؛ فإن السلوكية مدرسة فيها اتجاهات عديدة لكنها متكاملة ولها الأسبقية في الظهور والتطور، أما علم المعرفية أو الإدراكية هو من العلوم الحديثة النشأة. لكن هناك تراكم لبحوث علمية متعددة في هذا المجال منذ بداية الخمسينات وقبل ذلك أيضا. كما لا يختلف علماء النفس المعرفي في الهدف من وراء كل هذه الجهود التي يبذلونها في الرغبة في استخدام هذا الفهم من أجل تحسين عملية التربية ، عمليات التذكر ، أساليب التفكير ، معالجة المشكلات التي نتعرض لها في هذه الحياة ، عملية التوجيه المدرسي وطرق الإرشاد النفسي ، العلاج النفسي المعرفي السلوكي.
تطور البحث في علم النفس المعرفي دراسات وأبحاث ( ابنجهاوس Ebbinghaus ) في مجال كيفية حدوث العمليات المعرفية لتفسير السلوك الإنساني لها دور في تاسيس علم النفس المعرفي كفرع من فروع علم النفس فيما بعد ، إضافة إلى أعمال حول النمو المعرفي لدى الطفل . وكان الدور الأساسي لتطور هذا العلم، للنظريات المعلوماتية( فون نيومان ، شانون)، ثم كان دور (السيبرنطيقا ) الربانية أو علم التحكم والسيطرة ( لوينر نوربرت ( بمثابة محرك الإقلاع وظهور علم المعرفية على ماهو عليه الآن، وهو يوظف في العديد من التخصصات العلمية أوفي تفاعلاتها على الأقل
لقد نما علم النفس المعرفي وتطور سريعا في بداية الخمسينات ،لكن البدايات الحقيقية كانت بعد ظهور كتاب عام 1967 ) الذي تلى كتاب أندرسون وزملائه عن (بعنوان العمليات المعرفية : قراءات ( الذي صدر سنة 1964) .
ثم ظهر علم جديد شبيه بعلم النفس المعرفي يسمى العلم المعرفي Cognitive science في 1991 وأشار سولسو في هذا الكتاب أنه علم يشمل ثلاث مجالات وهي : علوم الحاسوب ، والعلوم العصبية ، وعلم النفس المعرفي.
أما التطور الذي أعتبر بمثابة الثورة المعرفية كان في الثمانينات من القرن الماضي. وهو ماعبر عنه هاورد غاردنر في كتابه . موضحا فيه نواة هذا العلم الذي يضم علم النفس وعلوم الحاسوب.
الربط بين المجالين عن طريق التقنيات المعلوماتية يتم بواسطة ما سمي بالمعرفية. الفرضية الأساسية هي اعتبار عملية الإدراك توظيف للحالات الرمزية. كما هو الحال بالنسبة لمميزات الذكاء الإصطناعي، حيث تبلورت أكثر فكرة أن كل إدراكاتنا يمكن صياغتها على شكل متتالية من العمليات المنطقية.
علماء المعرفية يعتبرون أن التفكير لدى الإنسان يتم بنفس الطريقة التي يتم بها برنامج حاسوبي. جيري فودور ، يقول بأن كون الحالة الذهنية تتميز بنوع من العلاقة التي يحافظ عليها ، فهي حالة يمكن أن يعبر عنها بالمنطق الرياضي. اقترح في سنة 1983 نظريته الخاصة؛ التي يفترض فيها أن ذهن الإنسان يتكون من عدة مناطق ذهنية وظيفتها القيام بمعالجة الرموز المستقبلة الخاصة بتلك المنطقة، بطريقة آلية ولعدد جد محدد من المعلومات، كما سنتطرق إلى ذلك في الفقرة الخاصة بمفهوم الحالة الذهنية.
اقرا ايضا :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق