الأربعاء، 15 سبتمبر 2010

اضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه( ADHD)الجزءالأول

سوف نتكلّم _ بإذن الله تعالى _ في هذه التدوينة والتي تليها عن اضطراب مهم قد يصيب الأطفال ولا يعلم الأهل عن ذلك أو قد يعتبرونه شقاوة اطفال , وهو إضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه ,
وسوف نتحدث في هذه التدوينة عن التعريف , الأسباب, الأعراض , مدى الإنتشار وبعض الأسئلة الشائعة , اما
الآثار المترتبة على اضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه والعلاج فسوف نتركها للتدوينة القادمة .
قبل ان ابدأ أحب أن أشكر أستاذي الفاضل د. عمر المديفر (
إستشاري الطب النفسي ومتخصص في طب نفس الأطفال والمراهقين والعلاج الأسري),لأنه امدني بالمادة العلمية المناسبة لهذا البحث .
فرط الحركة وتشتت الانتباه عرض ربما يكون عاديا” في بعض الأحيان للأطفال في سن الثالثة اوالرابعة , لكنه في أحيان أخرى ربما يكون اضطراب ( مرض) يؤثر على حياة الطفل ونجاحه في كافة مناشط الحياة ..
فرط الحركة


ماهو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ؟
كما يفهم من اسم هذا الإضطراب انه يتعلق بوجود حركة زائدة عند الطفل مقارنة باقرانه والأطفال من نفس العمر , وكذلك وجود حالة من تشتت الانتباه وعدم القدرة على التركيز على شيء محدد لفترة كافية لإنجازه مثل حل الواجبات المدرسية او ربما لعب المكعبات قبل ان يصل الطفل الى سن المدرسة , ويشمل هذا الإضطراب عرضا” ثالثا” وهو الإندفاعية والتعجل لدى الطفل في تصرفه قبل أن يفكر , وكل هذه الأعراض مجتمعة او متفرقة تؤثر على أداء الطفل ونمو مهارته حياته المنزلية , المدرسية والإجتماعية .
وللعلم فإن هذا الاضطراب من أكثر الاضطرابات التي تم تناولها بالدراسة والبحث والمصنفه بشكل جيد فهو معروف وموصوف منذ أكثر من أربعين عاما وتطور فهمنا له مع الوقت تدريجيا بشكل كبير.
ماهي اعراض هذا الضطراب بالتحديد؟
قبل ذكر الأعراض لابد من التاكيد أن المقصود من وصف الأعراض هو وصف حالة الطفل عموما” ولاتعني بالضرورة أن تكون موجودة دائما وفي كل الأحوال لكن لابد من وجودها بدرجة تؤثر على حياة الطفل وعلاقته مع الآخرين .
هناك ثلاثة أعراض رئيسيه لها الضطراب, ولها علامات متعددة نسردها فيما يلي:
**فرط الحركة بما يناسب عمر الطفل ,ويظهر في أشكال متعددة مثل :
1_ يتحرك كثيرا” خلال جلوسه وذلك بتحريك يديه أو رجليه أو جسده عموما” .
2_ يوصف بأنه طفل دائم النشاط والإنشغال بأشياء أخرى .
3_ يقوم من كرسيه في الفصل او في أوقات اخرى تسلتزم جلوسه في الكرسي , فهو يقوم لغير حاجة او هدف معين ..
4_ يركض ويتسلق كثيرا” في ظروف قد لا تكون مناسبة .
5_ يجد صعوبة في الانسجام والانتظام مع الآخرين وكذلك في اللعب بهدوء.

**تشتت الإنتباه :
1_ لديه صعوبة ان يحتفظ بتركيزه خلال اللعب أو المهمات المعتادة لمثل سنه .
2_يبدو كأنه لا يستمع حينما يخاطب مباشره.
3_ يسرح كثيرا” .
4_ لا يطبق التعليمات ويفشل كثيرا” في إنهاء العمل المطلوب منه إذا كان يحتاج الى التركيز .
5_ لديه صعوبة في ترتيب مهماته وترتيب اللعب والانتظام فيه .
6_ يتجنب المهمات التي تحتاج لتكيز ذهني لمدة طويلة مثل حل اواجبات والعمل داخل الصف الدراسي .
7_ تضيع منه اشياء كثيرة مهمة له ولنشاطاته ودراسته .
8 _ بسهولة يشتت انتباهه أي مثير آخر .
9_ ينسى كثيرا” في المهمات المعتادة لمن هم في سنه .
** الأندفاعية :
1_ يجيب قبل إتمام السؤال الموجه له .
2_ يصعب عليه انتظار دوره في الصف او الطابور الصباحي .
3_ يقاطع أو يتدخل في حديث الآخرين كثيرا” .
4_ يقلق عليه الأهل من الإندفاع في أي سلوك خطر مثل قطع الشارع او المبادرة لسلوك خطير مندفعا” .


هل لهذا الإضطراب انواع ؟
نعم لهذا الإضطراب ثلاثة انواع :
الاول : مايغلب عليه فرط الحركة والإندفاعية , ويكثر هذا عند الأولاد الذكور وتكون الأعراض الرئيسية فرط الحركة والإندفاعية وربما يكون التركيز جيدا” .
الثاني :مايغلب عليه تشتت الانتباه ولا تكون فرط الحركة أو الاندفاعية مشكلة , ويكثر هذا النوع عند الإناث المصابات, ويوصف هؤلاء الأشخاص عادة بأنهم يعيشون في عالم آخر أو أنهم حالمون.
الثالث : النوع المشترك وهو الأكثر شيوعا بين المصابين.
من الذي يحدد هل طفلي لديه هذا الضطراب أم لا؟
الذي يقوم بتشخيص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه حسب المعتمد عالميا هو الطبيب النفسي المتخصص في طب نفس الأطفال والمراهقين,
ويمكن لكثير من العاملين في مجال طب الأطفال بالذات أطباء أعصاب الأطفال وأطباء الأطفال المختصين بصعوبات النمو وكذلك الأطباء النفسيين العامين القيام بتوقع التشخيص وتحويل الطفل للطبيب المختص , لكن يفضل ان يكون التشخيص الأساسي من قبل طبيب نفسي مختص بالأطفال , وغالبا” ما يفضل أن يتم تقييم الطفل أولا” من قبل طبيب العائلة أو طبيب الأطفال العام لاستبعاد أية أمراض أو اضطرابات أخرى قد تسبب أعراضا” متشابهة مثل صعوبات السمع والبصر , واضطرابات الصرع , وانواع من الحساسية وفقر الدم وربما أمراض السكر والغدة الدرقية , لأنها تشبه الأعراض الموصوفة , أما العاملين في مجال التعليم الخاص فدورهم تصميم برامج علاجية مساعدة لتطوير وتوجيه سلوك الطفل في الإتجاه الصحيح , ولا يدخل ضمن اختصاصهم , لكن لملاحظاتهم دور مهم في الحلات التي يصعب تشخيصها .
أما الأخصائيين النفسيين العياديين فأيضا” ينبغي أن يقتصر دورهم على قياس الأعراض وربما توقع الحالة وتصميم برامج علاجية نفسية وسلوكية ومنزلية مهمة لكن لا ينبغي التشخيص فقط عن طريقهم لان أسباب هذه الأعراض العضوية ( مثل بعض مشاكل الغدد ) وأيضا” التشخيص الدقيق ينبغي أن يتم على يد الأطباء المختصين في نفسية الأطفال .
مامدى انتشار هذا الإضطراب ؟
تختلف الأبحاث من حيث تقديرها لعدد الأطفال المصابين وذلك لاختلاف طرق الدرسات وصعوبة الحكم على بعض السمات عند الأطفال , لكن يقبل المجتمع العلمي أن نسبة الإصابة بهذا الاضطراب تتراوح بين 35 الى 7% من الأطفال في سن المدرسة , ويشكل الأولاد الجزء الاكبر من الأطفال المصابين حيث النسبة بنت لكل 3 اولاد ذكور مصابين ويغلب لدى المصابات من الفتيات تشتت الإنتباه وكثرتة السرحان .
لماذا يصاب الأطفال بهذه الحالة ؟
حتى الآن لم تجد الأبحاث سببا” واضحا” لهذا الإضطراب ولكن هناك شواهد لها دلالات واضحة ان لهذا الإضطراب أسباب عضوية بحتة منها :
الوراثة : حيث أثبتت الدراسات أن هذا الإضطراب يوجد في بعض الأسر دون الأخرى وإن كان ليس موروثا” ببساطة ,أي لا ينتقل لكل طفل او لعدد محدد من الأطفال , وليس هناك جين مورث محدد سائد او متنحي مسئولا” عن هذا الإضطراب .
نصف الأطفال الذين يتم تشخص حالتهم أنها اضطراب فرط حركة وتشتت الإنتباه يوجد طفل مشابه للحالة بين افراد العائلة او الأقارب .
كما أنه في حالة تشخيص الحالة لدى توأم متطابق يزداد احتمال وجود الحالة لدى التوأم الآخر , اما في حالة التوأم غير المتطابق فلا يزيد احتمال وجود الحالة لدى الآخر اكثر من الإخوان العاديين وهذا يوحي بوجود جينات مسئولة عن هذا الإضطراب .
وجد الباحثون ان الأطفال المتبنين يتم تشخيص هذا الإضطراب لديهم أكثر من الأطفال الأصليين لدى نفس الأسر بغض النظر عن العائلة التي تبنتهم وطبيعتها التربوية , هذا يوحي بوجود جينات ذات علاقة بها الاضطراب أيضا” لدى الوالدين الحقيقيين ولا علاقة للاضطراب لدى هؤلاء الأطفال بالجو التربوي .
الحمل و مضاعفاته :
وجدت الدراسات أن هناك ازديادا” في حالات اضطراب الحمل أو صعوبات الولادة لدى الأطفال المصابين بهذا الاضطراب , وكذلك علاقة بين تدخين الأم او تناولها الخمر خلال الحمل وازدياد نسبة هذا الإضطراب لدى أطفالهن .
أسباب بيئية :
تحدثت كثير من الأوراق العلمية عن التلوث وأثره على تكون الدماغ , ويرى الباحثون أن تعرض الجنين حال التكوين للتلوث مثل معدل الرصاص الزائد في دم الام قد يؤدي لمثل هذه الاضطرابات , لكن لا توجد علاقة مثبتة بدقة ووضوح .
مالمقصود بالسبب العضوي ؟!!
يرجح الباحثون ان هناك خللا” في مناطق الضبط في المخ لدى هؤلاء الأطفال , ولهذه المناطق علاقة بنواقل عصبية متعددة من اهمها مادة ( النورإبريفرين ) , والذي تقوم كثير من الأدوية بالتأثير على مستواه وإفرازه في مناطق المخ المعينة مما يزيد من قدرة المريض على ضبط حركته واندفاعيته وضبط تركيزه على شيء معين .
هل للتربية علاقة بظهور هذا الاضطراب ؟
لا يبدو أن حصول الإضطراب الحقيقي له علاقة بالأسلوب التربوي المتبع في بيت او آخر وكذلك لا علاقة للتسامح الزائد مع الطفل بظهور هذه الأعراض . لكن هناك أمور وطرق تربوية قد تجعل الطفل لا تهتم أن يضبط نفسه ومن ثم تكونة اعراضه أشد .
إذا” لماذا يصنف على أنه مرض نفسي عند الأطفال ؟
كل الأمراض والأضطرابات النفسية لها اسبابها العضوية , ولكنها صنفت نفسية بسبب نوعية أعراضها لا اسبابها , وهكذا اضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه يصنف ضمن الإضطرابات النفسية عند الأطفال ويعالج من قبل أطباء الأطفال النفسيين لأن اعراضه سلوكية وتتعلق بالفهم والتعامل الاجتماعي والانضباط , على الرغم من ان سببه الدقيق هو اضطراب عضوي في بعض مناطق الدماغ المسئولة عن السيطرة والضبط للحواس والحركات .
اعتقد أن ابني لديه هذه الحالة لكن يمكن السيطرة عليه , وأتوقع أن تخف حالته تدريجيا” , ولهذا لا داعي لعلاجه دوائيا” ولا نفسيا” طالما ان الحالة ستخف تدريجيا” , فما رأيك يادكتور ؟!!.
لايعرف بالضبط عدد الأطفال الذين يتحسنون مع تقدم العمر بهم لكن هناك حوالي الثلث الى النصف منهم تستمر لديه هذه الأعراض ولهذا ينبغي علاجهم .
وهناك معلومة مهمة للوالدين وهي انه حتى لو كان طفلكما من ضمن من يطرأ عليهم التحسن مع الزمن فإن العلاج ضروري جدا” , حيث إن الطفل يحتاج خلال فترة نموه لتعلم الكثير من المهارات الفردية والاجتماعية وكذلك يحتاج للتحصيل الاكاديمي , والواقع ان هذه الأعراض ستعيق نموه في مراحله المختلفة , فقد يفشل دراسيا” ولهذا تبعاته النفسية والإجتماعية أضا” ستكون علاقاته الإجتماعية مضطربة بشكل واضح إذ هو طفل شقي في نظر معظم الناس وربما يعتبر طفلا” غبيا” أيضا” مما ينعكس على استقراره النفسي والاجتماعي , وهناك نتائج لاستمرار الأعراض لدى الطفل وقت مراهقته قد تصل الى تعاطي المخدرات بسب اندفاعيته أو السرقة أيضا” بسبب اندفاعيته وربما العنف بسبب عدم قدرته على التحصيل أو الصبر عن رغباته مما يظهر على شكل أعراض واضطرابات سلوكية متعددة .
ولهذا ينصح الأطباء بناء” على دراسات ميدانية بالعلاج الكافي للطفل كي تتحقق الأهداف التالية :
1_ التخلص من الأعراض او معظمها ,فليس الهدف أن يهدأ الطفل وتقل مشاغبته بل المقصود أن يكون منضبطا” في حركاته وتصرفاته , وأن يزداد مستوى التركيز لديه .
2_ تقليل المشاكل التي يتعرض لها الطفل.
3_ رفع اداء الطفل إجتماعيا” واكاديميا” .
وتأخير العلاج غالبا” ما يؤثر على تطور نمو الطفل النفسي والإجتماعي وثقته في نفسه وسلامة علاقاته الإجتماعية .
هل يمكن توضيح مآل أو مستقبل الطفل المصاب في حال إهمال علاجه او عدم تيسر علاجه ؟!!!
تؤكد الأبحاث الميدانية طويلة المدى ان عدم العلاج ينتج عنه الكثير من اضطرابات السلوك والأداء في كثير من نواحي الحياة , ومن الإضطرابات التي قد تنتج في مستقبل الطفل ويلاحظها الأطباء عياديا” , الإضطرابات التالية :
1_ اضطرابات سلوكية قد تصل للسلوك الإجرامي .
2_ اضطرابات سلوكية أخف مثل الطفل الرافص الانصياع للاوامر .
هل هناك تحاليل أو فحوصات معينة لتشخيص هذا الاضطراب ؟
لا توجد فحوصات تجرى من اجل التشخيص مع العلم ان لدى الطفل المصاب سمات معينة في تخطيط المخ وكذلك صور الرنين المغناطيسي للمخ , لكنها ليست تشخيصية ولهذا غالبا” مايتم التشخص بدون أي تحاليل أو فحوصات معينة , ولكن عادة يمر الطفل على طبيب الطفال العام للتاكد من عدم وجود اسباب عضوية لهذا الاضطراب .
وينبغي التذكير أن هناك مجموعة من المقاييس والإستبيانات وكذلك بعض الإختبارات النفسية التي يتم من خلالها التشخيص أحيانا” أو قياس شدة تشتت الانتباه أو غيرها من الاعراض , أو مدى التحسن بعد العلاج ؛ لكن التشخيص يكون عياديا” في الأغلب بحسب قصة المرض والشكوى وليس بالضرورة بالمقاييس .
هل معنى الإضطراب أن طفلي متخلف عقليا” ؟
لا يوجد علاقة بين اضظراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ومستى الذكاء , والغالب إن الطفل المصاب يتمتع بمستوى ذكاء عادي وبعضهم متفوق . ولكن قد لايستطيع الطفل استغلال ذكائه بسب فرط الحركة او صعوبات التركيز فيبدو غير ذكي , وعندما يتم علاجه يتبين ان ذكاءه أفضل مما كان يظن الجميع بسبب أن قدرته على التركيز أظهرت مستوى ذكاءه الحقيقي .
هل هناك اضطرابات أخرى مصاحبة لفرط الحركة وتشتت الإنتباه ؟
هناك اضطرابات أخرى كثيرا” ماتصاحب إضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه , ومن أهمها اضطرابات القلق ( حوالي 30 % ) التي تظهر على شكل خوف أو خجل زائد عن المعتاد أو قلق من البعد عن الوالدين أو أحدهما .
كما وجدت الأبحاث أن حوالي 30الى 70 % من الأطفال الذين يعانون فرط الحركة وتشتت الإنتباه كذلك يعانون من صعوبات التعلم أو القراءة بشكل أو بآخر .
وكذلك اضطرابات النطق قد تكون مصاحبة لإضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه.
وقد أثبت الدراسات أن هذه الإضطرابات الماصحبة تتحسن بشكل ملحوظ عن معاجة اضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه في مراحل مبكرة .


اقرا ايضا :

طب نفس الأطفال child psychiatry

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق