الأربعاء، 15 سبتمبر 2010

الفصام Schizophrenia


كثيرا” ما نسمع في مجالسنا الخاصة أو العامة الكلام عن الفصام أو ما يسمى خطأ” انفصام الشخصية !! وقد قلت خطأ” ( انفصام الشخصية ) لأنه في حقيقة الأمر لا يوجد علميا” ما يسمى بهذا الاسم , ولكن الكثير من المسلسلات القديمة كانت تورد هذا المصطلح بين الحين والآخر وهذا ما سبب التشويش عند الكثير من الناس حول الكثير من الأمراض النفسية , وبخاصة هذا المرض .
لذلك لابد أن يترسخ عند العامة انه لا يوجد ما يسمى بانفصام الشخصية , حيث إن الحقيقة أن الأسماء العلمية لهذا المرض ( Schizophrenia) هو الفصام أو الانفصام أو فصام العقل .
وكلمة Schizophrenia ( سكيزوفرينيا أو شيزوفرينيا ) , عبارة عن كلمتين :
Schizo : بمعنى انفصام أو فصام .
  Phrenia : بمعنى العقل .
لذلك دعونا نتعرف سويا” على هذا المرض النفسي الخطير , ونبسط ما يمكن تبسيطه عن هذا المرض المزمن .!!
scz2
scz

ما هو الفصام ؟!
الفصام ليس مرضا” واحدا” فقط بل هو زمرة من الأعراض التي تشكل هذا المرض الذي يظهر في شكل اضطراب في السلوك , التفكير , الوجدان , الإدراك الحسي , وكذلك الإرادة . فالمريض يبدو غريبا” في تصرفاته و اعتقاداته الخاطئة مقارنة ” بمن حوله من الناس .
ماهي أسباب الفصام ؟!
لا يوجد الى هذه اللحظة سبب وحيد لظهور مرض الفصام , بل إن ظهور هذا المرض يعتمد على الكثير من العوامل الوراثية , البيولوجية , الهرمونية , المناعية ,وكذلك الأسباب والعوامل الاجتماعية .
يكون عند الشخص استعداد وراثي للإصابة بهذا المرض فإذا تضافرت بقية العوامل الأخرى فإن أعراض الفصام تبدأ في الظهور على شكل مراحل متتالية .
كيف يتم تشخيص الفصام ؟!
لا يوجد تحليل خاص أو طريقة خاصة في المختبرات العلمية يمكن من خلالها التحقق من وجود هذا المرض من عدمه , لذلك لابد من اخذ التاريخ المرضي بدقة وعناية , وكذلك لابد من إجراء اختبار وفحص القدرات العقلية للمريض بعناية , حتى يمكن للطبيب النفسي الحكم على هذا المريض بأن لديه الفصام.
ما هي العلامات المرضية التي يعتمد عليها الطبيب لتشخيص هذا المرض ؟!
عادة” ما نعتمد على الدليل التشخيصي العالمي العاشر (ICD 10 ) أو الدليل التشخيصي الرابع لرابطة الطب النفسي الأمريكي (DSM-IV ) :
وهذه الطريقتان مهمة جدا” في التشخيص لأنها مبنية على أسس علمية وتمحيص دقيق , فهي تعتمد على وجود أعراض الفصام , التي يقوم الطبيب بالبحث عنها أثناء استعراض التاريخ المرضي ,ومازال تطوير هذه الطرق وغيرها ساريا” حتى هذه اللحظة .
وسوف أقوم بالاعتماد على DSM-IV في التشخيص , وحقيقة” لا يوجد فرق كبير بينهما .
لذلك نقول لتشخيص الفصام نحتاج مايلي :
أ- أعراض المرحلة النشطة لمدة شهر على الأقل، إلا إذا كانت قد عولجت بنجاح، ويتطلب التشخيص وجود عرضين على الأقل من الأعراض التالية:
1 – ضلالات.
2 – هلاوس.
3- كلام مفكك غير مترابط.
4 – تفكك أو عدم انتظام السلوك أو ظهور أعراض اضطراب وتخشب الحركة (الأعراض الكتاتونية).
5 – أعراض سلبية تشمل تناقص أو تدهور عدة جوانب أو وظائف.. مثل تبلد أو تناقص الوجدان، ضعف الإرادة، تناقص النشاط والكلام والحركة.
يمكن أن نعتمد على عرض واحد فقط بشرط أن يكون من الضلالات الغير منطقية أو مستحيلة الحدوث, أو أن تكون الهلاوس عبارة عن هلاوس,سمعية تعطي المريض أوامر محددة ليقوم بتنفيذها , أو يسمع محادثة بين إثنين أو أكثر تعلق على سلوك المريض أو تصرفاته .
ب – تراجع ونقص الأداء الاجتماعي والوظيفي وضعف العلاقات الاجتماعية والانجاز في مجال الدراسة والعمل، كذلك نقص اهتمام الفرد وعنايته بمظهره.
جـ – يشترط لكي يتم تشخيص حالة الفصام , أن تستمر هذه الأعراض مدة ستة شهور على الأقل.منها شهر واحد على الأقل يحتوي على الأعراض النشطة .
د‌- أن لاتكون هذه الأعراض بسبب مرض آخر كالهوس أو الاكتئاب الموجودة في الاضطراب الوجداني أو الفصام الوجداني . أو بسبب مرض عضوي أو تناول أدوية تؤثر على الجهاز العصبي , كالمخدرات مثلا” .

عادة ما نسمع بالأعراض الإيجابية أو السلبية !!!! فما معناها ؟!
ليس المقصود بذلك أن الأعراض الإيجابية جيدة والسلبية غير جيدة , بل لكي نفهم المقصود لابد أن نفهم المعنى :
الأعراض الايجابية لمرضى الفصام :
تتميز بوجود تصرفات غير عادية أو خارجه عن المألوف البشري مثل الهلاوس السمعية ، البصرية أو الحسية والتي تجعل الشخص المصاب يستقبل أصوات ، رؤى أو أحاسيس غير موجودة فعلياً.
ومن الأعراض الايجابية الأخرى اعتقاد الشخص المصاب اعتقادا جازماً بفكرة خاطئة ، غير مألوفة غالباً ، والتعامل معها على أساس إنها حقيقة واقعة ، وهي ما تسمى “بالضلالات” والتي قد تتعلق بأفكار مثل الذنب ، الدين ، الأمن، الشك ، وغيرها من الأفكار.
وهناك أيضاً الاضطرابات الفكرية بالإضافة إلى بعض التصرفات الشاذة, التي غالبا” ما تكون ملاحظة من قبل الغير .
إن الأعراض الايجابية لمرضى الفصام تعتبر أكثر الأعراض استجابةً للعلاجات الدوائية وأقلها تأثيراً في مستوى أداء الفرد خلال المجتمع.
الأعراض السلبية لمرض الفصام :
وتتميز بفقدان أو غياب التصرفات العادية المتوقعة لظروف معينة، مثل ضعف أو تبلد الإحساس ، الانعزال العاطفي والاجتماعي ، فقدان الاهتمام بالأنشطة والهوايات المحُببة ، عدم القدرة على الفرح بالرغم من وجود عوامله.
تستجيب الأعراض السلبية لمرض الفصام فقط للعلاجات الدوائية الحديثة ( مضادات الذهان اللانمطية) وبنسبة أقل من تلك المتوقعة للأعراض الايجابية.






هل الفصام نوع واحد أم عدة أنواع ؟! وعلى أي أساس تم وضع هذه الأنواع ؟!
لقد اختلف العلماء كثيرا في تقسيم الفصام مع أنهم مجمعون تقريبا” على التشخيص العام , لذلك قاموا بتقسيم الفصام بناء على الأعراض المسيطرة على الشخص وكذلك مآل المرض , ومن أشهر هذه الأنواع :
الفصام البارانوى Paranoid Schizophrenia
ويتميز بوجود ضلالات خاصة ضلالات الاضطهاد والشك ، مع هلاوس سمعية. ولكن يظل التفكير والشخصية والسلوك في حالة أفضل من أنواع الفصام الأخرى.

الفصام غير المنتظم
Disorganized Schizophrenia

يتسم بتفكك التفكير وعدم ترابطه واختلال السلوك و الوجدان أو عدم تناسب الانفعال مع الموقف.
الفصام الكتاتونى Catatonic Schizophrenia
وهذا النوع قد أصبح نادر الحدوث.. ويتميز باضطراب حركة المريض، فقد يصاب المريض بالتخشب والتصلب وقد يأخذ وضعاً غريبا يظل متجمداً فيه لفترة طويلة كتمثال من الشمع، وقد يحدث في هذا النوع أيضا ذهول أو هياج شديد بدون سبب واضح.
الفصام غير المتميز
Undifferentiated Schizophrenia

وأعراضه عموماً هلاوس وسلوك غريب غير منتظم ، وفى هذا النوع يضطرب تفكير المريض مع وجود أعراض لا تنطبق على الأنواع السابقة .





الفصام المتبقي
Residual Schizophrenia
لا توجد ضلالات أو هلاوس واضحة في هذا النوع، وإنما يظل التفكير غير منتظم مع اختلال في السلوك وتدهور في مستوى الأداء الاجتماعي والوظيفي، وقد يهمل المريض مظهره ونظافته، ويظل سلبياً منسحباً من الحياة والمجتمع .
لذلك لابد أن نعرف أن الضلالات و الهلاوس لا توجد بصفة مستمرة وبنفس الشدة طوال فترة المرض وإنما تنشط وتضعف.. تثور وتهدأ .. وهى تميز المرحلة النشطة من المرض.

كيف يبدأ المرض ؟!
يوجد بعض المراحل التي يمر فيها المرض , فهو لا يبدأ فجأة وبدون سابق إنذار .
بداية” , المرض يبدأ بالمرحلة التمهيدية أو المنذرة وفيها ينسحب المريض من المجتمع ويغلق باب حجرته على نفسه كثيراً.. ويتدهور مستوى الأداء الاجتماعي ومهاراته الاجتماعية والذهنية.. ويقل عدد أصدقائه ومشاركاته في المناسبات الاجتماعية.. ويتناقص أدائه الذهني والوظيفي فيجد صعوبة في استذكار دروسه أو أداء عمله.. ونظراً لضعف الإرادة والنشاط يفشل الطالب في دراسته أو الموظف في عمله.. ويبدأ في إهمال نفسه ومظهره،
تبدأ بعد ذلك أعراض المرحلة النشطة في الظهور (الضلالات و الهلاوس) .. وعندها يثور المريض لاعتقاده بأنه مضطهد وان المؤامرات تحاك ضده وأيضا لوقوعه تحت التوتر والخوف الشديد نتيجة الأصوات التي تخاطبه وتدفعه لارتكاب سلوكيات غير منطقية.
وبعد هدوء المرحلة النشطة و التي تختلف فترة نشاطها من مريض لآخر وقد تستمر في بعض المرضى سنوات طويلة يهدأ الحال وتظهر المرحلة المتبقية و التي تتميز بوجود بقايا الضلالات والهلاوس ولكن بصورة ضعيفة، مع وجود تدهور في أدائه ومهاراته الاجتماعية والذهنية والوظيفية وجمود أو برود في العاطفة والوجدان.
ما مدى انتشار هذا المرض ؟!
غالباً ما يحدث مرض الفصام في مراحل البلوغ المُبكرة ، أوائل العشرينات من العمر.
وتشير الإحصاءات إلى أن1- 1.5 % من الأشخاص في المجتمع يُصابون بهذا المرض بنسبة متساوية بين الرجال والنساء ، ولكن بنسبة أعلى بين الأقرباء من الدرجة الأولى .
كيف نعرف مآل المرض واستجابته للعلاج ؟!
هناك عدد من المؤشرات التي يعتمد عليها الطبيب الحاذق في تقييم الوضع الذي سوف يؤول إليه المريض :
فهناك المؤشرات الجيدة التي تدل على عن هذا المريض سوف يستجيب للعلاج _ بإذن الله _ ومنها :
أن تكون الإصابة بالمرض بعد مرحلة المراهقة والشباب , وضوح الأسباب والمثيرات المرضية , تكون الإصابة بسرعة وبشكل سريع , وجود دعم اسري و اجتماعي ومادي , أن يكون متزوج , وكذلك وجود الأعراض النشطة أو الوجدانية بشكل واضح .
أما بالنسبة للعلاج فسوف يكون هناك تدوينة أخرى _ بإذن الله تعالى _ تتكلم عن طرق العلاج الدوائي أو السلوكي , وكذلك بعض الطرق الأخرى التي تساعد في الشفاء من هذا المرض أو غيره من الأمراض الذهانية . إن شاء الله .

اقرا ايضا :

Brief, Intensive Therapy for OCD Altered Brain Activity, Improved Symptoms

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق