الفصام العقلي مرض من أخطر الأمراض النفسية والأصعب في العلاج وهو ليس مرضا أو نوعا واحداً بل إنه عبارة عن مجموعه متنوعة من الأعراض تؤدي إلى أنواع متعددة من الفصام.
وهو مرض عقلي من الدرجة الأولى حيث أن الخَلـَل الرئيسي فيه يكون خَلـَلا في الأفكار والمعتقدات وما يترتب على ذلك من سلوكيات تدمـِّر الشخصية وتخرج بها من عالم الواقع لعالم الوهم والخيال.
كما أنه مرض معروف منذ القدم وتم وصف أعراضه وتوصيفه منذ أكثر من مائة عام وقد كان يوصف بالخرَف المبكر، وهو ليس كما هو شائع في الأفلام السينمائية حالة من حالات الشخصية المزدوجة أو تعَدُد الشخصيات إنما لهذه الأعراض تفسيرات أخرى.
ومرض الفصام ليس خللاً في الذكاء وإن كان يؤثر على مستوى الأداء العام وقد يكون الفصامي من المتميزين في الذكاء وقد يساعده ذكاءه في التخلص من المرض بمتابعة علاجه الأمثل أو قد يكون سببا في المزيد من الكوارث في حالة إخفاء المرض أوقد يسبب نظرة العامة له على أنه حالة من العبقرية.
وقد تظهر أعراض مرض الفصام العقلي بشكل ُمتـَخَفٍ وتدريجي على مدى شهور أو سنوات ثم تكتمل فجأة أو أنها تظهر سريعا في خلال أسابيع من التغيرات أمَّا أن تظهر فجأة بين عشية وضحاها فهذا يوجهنا لخطورة وجود خلل عضوي واضح مثل أورام المخ أو اضطراب حيوي حاد في أجهزة الجسم.
كما أن الفصام العقلي قد يتواجد – مثله مثل كل الأمراض النفسية الأخرى- مع أي مرض عضوي آخر أو حتى مع أعراض الأمراض النفسية الأخرى كالاكتئاب والهوس والقلق النفسي.
وتختلف الأعراض من حيث الشدة والحدة والتأثير العام على الشخصية على حسب نوع الفصام والمدة الزمنية قبل العلاج وعلى شخصية المريض.
كما تفسـِّر هذه الأعراض ما قد يعتري المريض من عدوانية وعنف وتهيج أحيانا كما تفسر تدهور حياته بشكل عام.
كما يتضح أيضا أن مرض الفصام قد يؤدي إلى خلل عقائدي وإلى كوارث اجتماعية وإنسانية لا يُستهان بها.
◄ تعريف الفصام العقلي
يمكننا القول بأن الفصام بشكل عام هو نوع من الأمراض العقلية ومعناه "التـَّفسـُخ والانقسام في العقل" وفي مكونات الشخصية التي هي حصيلة انسجام بين الأفكار والوجدان بما فيه من مشاعر وأحاسيس تعبر عن نفسها في شكل أفعال وأقوال وسلوكيات وتصرفات وهو ما يـُسـَمى بالشـخـصــية.
وتشيرالإحصائيات المتكررة في أماكن مختلفة من العالم وفي كل المجتمعات من بدو وحضرأن نسبة تواجد مرضى الفصام تكاد تكون ثابتة وتقع في معدل ما بين 1% إلى 2% من مجموع السكان في أي زمان ومكان.
ومن الأعراض ما هو متطابق في كل أنحاء العالم ومنها ما قد يتلون ويتأثر بما يتواجد في كل بيئة من أفكار وتقاليد وثقافة وخرافة وأسلوب حياة.
أعراض الفصـام العقلــــي
{ لا يُشترط أن تجتمع كلها في مريض واحد أو نوع واحد من المرض }
ويشمل الاضطراب عند مرضى الفصام كل جوانب تكوين الشخصية وإن كان الأصل فيه هو اضطراب التفكير وما يتبعه من اضطراب في إدراكه الحسي وما يصاحبه من مشاعر مضطربة، ويصب ذلك كله في سلوكيات المريض وتصرفاته في الواقع من حوله.
وهنا تظهر علامات الغرابة والشذوذ على المريض الفصامي في كلامه وتصرفاته التي تعبر عما بداخله من خلل جسيم وعدم انسجام فيوصف بالجنون والخلل أوبالمسحور أو الملبوس أو من عليه روح شريرة.
اضطراب التفكير في الفصام
ويشمل العديد من صور الاضطراب:
◄ اضطراب محتوى التفكير والاعتقاد (الضـلالات المـَرَضية)
ويظهر من كلام المريض ومن تصرفاته وإن أنكر وجودها ويكون ذلك على شكل ما يسمى بالضلالات المرضية حيث يعتقد المريض بشئ لا أصل له ولا يمكن مناقشته بالمنطق أو العقل وقد يكون أي نوع من الاعتقاد وعلى غير المألوف في مجتمعه ويتشبث به المريض ثم يتصرف بناءً على ما اعتقده وهو أصل الوصف بالجنون.
o أنواع الضلالات المرَضية
• ضلالات بالاضطهاد؛ (يشعرالمريض بكونه مضطهداً من كل مَن حوله).
• ضلالات بالدونية؛ (اعتقاد المريض بأنه قليل القيمة وعديم النفع).
• ضلالات بالعظمة والقيمة؛ ( يعتقد المريض بكونه عظيماً من العظماء، وبأن لديه قدرات أو مميزات ليست لغيره من البشر).
• ضلالات بالرسالة والنبوة ؛ (يعتقد المريض أنه نبي مُرسل).
• ضلالة المراقبة؛ (اعتقاد المريض بأنه مراقب من قبل أحد أو جهة).
• ضلالات بالتحكم؛ ( يعتقد المريض أن هناك مَن يتحكم في أفعاله أوأفكاره.
• ضلالة بالحُب أو بالكُره؛( يعتقد المريض بوجود علاقة حب أو كُره من شخص ما قد لا تربطه به أي علاقة.
• ضلالة بالخطيئة؛ (يعتقد المريض بكونه متورطاً في خطيئة ليس لها من مغفرة).
• ضلالة بالخيانة الزوجية؛ سواء كانت اعتقاداً بخيانة الزوج أو الزوجة.
• ضلالة بالموت (حيث يعتقد المريض أنه ليس على قيد الحياة).
وقد تظهرعلى المريض نوع واحد فقط من الضلالة ثم تتحول حياته كلها لتدور في فلك تلك الضلالة...
◄ اضطراب شكل التفكير (طريقة التعبيرعن الأفكار – الكلام):
كما يظهر من طريقة كلام المريض فتكون الجُمَل مبعثرة ومملة وتفتقد للربط المنطقي القوي أو يكون عبارة عن مجموعة غير مترابطة على الإطلاق في الحالات الشديدة فيبدو وكأنه " سلطة من الكلمات" مما يخدع من يعتقدون بالخرافة أنه يتكلم لغة خاصة أو قد يكون كلاماً يبدو منمقاً ومنظما غير واضح المعنى وقد يبدو كلاماً علميا لغير المتخصصين في موضوع الكلام كما في"
فصام البارانويا".
◄ اضطراب مَجرىَ الأفكار:
يظهر في صورة توقف مفاجئ أثناء الكلام أو ضغط وسرعة في الأفكار غير المترابطة فيأتي بعبارات غامضة وغريبة ثم يشكو المريض من عدم فهم الناس له.
◄ اضطراب التحكُم في الأفكار:
● غرس أو سحب الأفكار
يعتقد المريض أن الآخرين يدسون الأفكار في رأسه بما يريدون أو ينزعون منها الأفكار ويحرمونه منها.
● قراءة الأفكار
وهنا يعتقد المريض أن بإمكان الآخرين قراءة ما يجول بخاطره من أفكار ويطلعون على أسراره.
● إذاعة الأفكار
يحس المريض أن أفكاره تُذاع على الهواء أو في وسائل الإعلام على الملأ رغما عنه ويحدث ذلك عندما يتابع التلفاز أو الراديو أو حتى الجرائد.
يمكننا أن نلاحظ أن هذا النوع من الاضطراب (التحكم في الأفكار) ما هو إلا نوع من أنواع الضلالات المرضية.
ويمكننا أن نتخيل كم هي تعيسة حياة الفصامي مع وجود تلك الضلالات والتي يعتقد في حقيقتها بلا جدل ولا شك، فهي حقيقة بالنسبة له، ويتعامل على أساسها في كل تصرفاته.
اضطراب الإدراك الحسـِّي في الفصـام
( الهَـلاوِس المرَضية )
استقبالات حسية لا مصدر لها ولا يدركها إلا المريض
وتشمل الحواس الخمسة المعروفة...
◄ هلاوس سمعية
في صورة أصوات تتكلم مع المريض او توبِّخه أو تعلق على تصرفاته أو تأمُره وهي أكثر الهلاوس شيوعا في مرض الفصام.
◄ هلاوس بصرية
تكون مناظر وأشكال مخيفة أو مضحكة يراها المريض (ويكثر هذا النوع من الهلاوس أيضاً في مرضى الصرع وبعض أورام المخ).
◄ هلاوس جلدية
في صورة إحساس في الجـِلد أوبأن شيئاَ يتحرك في جسده (كما أن هذا النوع من الهلاوس يحدث أيضا من تأثير الكوكايين).
◄ هلاوس شـَمـِّيه
في صورة رائحة غريبة يشـُمها (وقد يحدث هذا النوع الهلاوس قبل النوبة الصرعية وتكون إشارة تنبيه بالنوبة يشعر بها المريض قبل أن يفقد وعيه).
◄ هلاوس تذوُّقية
كما أن الهلاوس قد تشمل حاسة التذوق فيحس المريض بطعم معين في فمه.
والخرافة إلطبية والمفاهيم الخاطئة من عصور الظلمة والتخلف مع إعطائها الصبغة الدينية أو الروحانية.
{ الهلاوس الجنســية }
نوع آخر من الهلاوس منتشر جداً بين مرضى العقل وهو قد يجمع بين كل تلك الأنواع من الهلاوس وكثيراً ما يـُفسر على أنه من عمل الجن والسحر لِما له من تأثير على العلاقة بين الرجل و امرأته من تفريق.
وبفحص المريض ودراسة الحالة يكتشف الطبيب وجود الكثير من أعراض أُخرى عقلية وجسمانية يتبين أنه ليس إلا مريضاً ذهانياً وله تشخيص وعلاج للحالة كلها وليس للهلاوس فقط كم قد يتضح وجود العديد من المشاكل الأسرية التي بدأت مع بداية المرض و لكنها كلها اختـُزِلت في تلك الهلاوس بسبب ما هو مخزون لدى المجتمع من خرافات وأساطير.
ويكفي أن نتخيل ما يصل إليه المريض في تلك الأحوال من تدهور في الشخصية وتبلـٌّد في المشاعر عندما يـُعلن عن مثل هذه الأشياء على الملأ في الوسط المحيط به فمثلا يخبر الزوجة أوالأهل (على الأقل) وبلا إحساس بالحرج بما يحس به من هلاوس الزنا بأحد المحارم، وفي الغالب ما تختلط هذه الهلاوس بضلالات مرضية تؤيدها...
اقرا ايضا :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق